يجب أن يفهم أنصار بعض الأحزاب السياسية أن أحزابهم لا تخوض حرب التحرير الكبرى..

Photo

الانخراط في الحياة السياسية والاهتمام بالشأن العام كنت أعتبره دوما أنبل الأشياء التي قد يفعلها شاب فتح عينيه على تجربة بلادنا في الانتقال الديمقراطي ولكن أيها الشاب إن مهاراتك في "تقشتيل" طرف سياسي آخر وتقزيم قيادات الحزب الآخر بابتذال يثير القرف لن يجعلك ترتقي في سلم الهياكل الحزبية و لن يمنحك عضوية مكتب سياسي أو مكتب تنفيذي في المؤتمر القادم لحزبك و لن يجعلك تحمل على الأعناق في الاجتماعات العامة..

هذه العنتريات التي تمارسها وهذا الاغتيال الرمزي لمن يختلف مع قيادات حزبك "الحكيمة جدا" لن يجعلك في نظرنا أكثر من مخلب قط يخدش أي فرصة للالتقاء على مشروع وطني..

صدقا، استعمال ألفاظ من قبيل "قومجي، شبيحة" في تعاطيك مع لاعب سياسي مهم في المشهد يجعلك في نظرنا مخربا وظيفيا لعملية إصلاح حقيقي..

هل قال لك "حكماء" حزبك أن الموقف من حكم البعث العربي الاشتراكي في سوريا محدد رئيسي في تشكل الخارطة السياسية.. لا أتصور ذلك وبالتالي يا صديقي فإن الطعن في وطنية بعض السياسيين واتهامهم بالولاء لدولة أخرى لهو وقاحة كبرى.

وهذه الهرسلة اليومية لطرف سياسي معين ووصمه بمعاداة الهوية نتيجة موقفه من مسألة المساواة في الإرث يجعلنا نستصغر صنيعك فالوصاية على الهوية كما الوصاية على الحداثة هي أمور لا يمكن أن يقبلها العقل..

فكما كنا نرفض من غيركم أن يدعي أنه حامي حمى الحداثة نرفض أن تدعوا أنكم أوصياء على الهوية والدين..

بعض الذين تجردونهم من صفة الوطنية كانوا ممن رفع شعار "الحرية للجميع" حين كان البعض يرفع شعار "لا حرية لأعداء الحرية" و يضعكم في خانة أعداء الحرية في سنوات الجمر..بعض الذين توغلون في إيذائهم اليوم اعتبروكم شركاءهم في المعركة مع الاستبداد و أحد ركائز المعارضة الوطنية ضد الاستبداد النوفمبري حين كان البعض يعتبركم خارج الحركة الوطنية و يضع معركته معكم كإسلاميين أولوية الأولويات حتى لو كان ذلك على حساب المعركة مع الاستبداد..

ليس عيبا أن لا تكون شاهدا على هذا التاريخ و لكن العيب هو أن لا تقرأ و لا تحاول الإحاطة بما جرى قبل انخراطك في الشأن العام..

لطالما كنت أتساءل..قيادة حزبك التي تفرك يديها و تتلذذ بالقصف الفايسبوكي الذي تمارسونه كقواعد ما كان سيكون موقفها لو انتقد أحدكم سياستها "الحكيمة" التي هادنت المنظومة القديمة طيلة السنوات الفارطة؟..ربما اتصال هاتفي من عضو مكتب محلي سيكون كافيا لتحذف تدوينتك التي تمس بالقيادة -دام ظلها- و تراجع أو بالأحرى تتراجع عن موقفك..

صديقي العزيز الانضباط الحزبي لا يعني أن تؤمن بأن قيادتك معصومة من الخطأ بل أن تنتقد و بصوت مرتفع..حقا ستكون مفارقة لذيذة..كونوا أصحاب مفارقات فالدغمائيات قاتلة..طيلة الأسابيع الفارطة كان يفترض أن تلعبوا دورا أكثر نبلا من حملات التشويه هذه و لكنكم تصرون على أن تجعلوا الفاسدين الذين نهشوا كبد الثورة يحكمون..تصرون على أن تجعلوا هؤلاء "الطلقاء" يقولون بوقاحة لهذا الشعب الذي صوت ضدهم "لقد قاتلتنا على أمر آل إلينا."

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات