المعركة الفاصلة.. الثكنات الزرقاء في مواجهة الثكنات السوداء!

Photo

لا شك أن فقراء الكلمة يحتفلون اليوم بحيازتهم على اسلحة الردع الزرقاء في وجه أسلحة سوداء قديمة أسهمت في تكريس العبودية وابّدت الاجرام الشمولي وحسنت جرائم الدولة وقننتها واضفت عليها صبغة وطنية كاذبة، بحيث يمكن تحويل برميل المتفجرات الذي يمزق أشلاء الاطفال الى رسائل سيادية أرسلها الزعيم لتمتين هيبة الدولة.

تمكنت الكلمة الفقيرة من تطويع الفضاءات الافتراضية واعادة ترقيتها من فضاءات دردشة وطرائف ونكت وخصوصيات محرجة، الى منصات مضادة لتلك المنصات السوداء التي طالما عبثت بالشعوب لصالح أقليات حاكمة تحتكر الكلمة لتحتكر بها السلطة وتنهب بها المال. وها نحن اليوم أمام ثكنات زرقاء تزحف على الثكنات السوداء، تسبقها الى الخبر كما تسبقها الى استقراء الاحداث قبل وقوعها واخراجها بطريقة زرقاء مصادمة لتلك السوداء المالوفة الملغومة.

لكن وحتى نرتقي بهذا السلاح الازرق، علينا ان نهذب من ادائه ونرشد فعله وننتشله من اللهث خلف السبق الكاذب الواهي المسقط ثم نرتقي به الى مستوى المنافسة بل والاكتساح، علينا الابتعاد بهذا العتاد الأزرق عن الأخبار الزائفة، لأنه وللأسف يوشك البعض على تحويل هذه الدبابات الزرقاء صناعة فقراء، الى مصانع لترقية الكذب والاشاعة لأغراض ضيقة وتحت وقع غريزة السبق والاثارة والبروز، تماما كما يحدث في تونس هذه الأيام، وخاصة الليلة الفاصلة بين الثلاثاء الى الاربعاء، حين توقفت الأسلحة الزرقاء عن ممارسة مهمتها النبيلة و انخرطت في تسمين فكرة الانقلاب الواهية والغير منطقية والتي تفتقر الى ابسط قواعد الفحص والتمحيص، هي أيضا تسيء بقوة الى مؤسسة عسكرية صمدت في وجه نظام بن علي حين كان في ذروة هيجانه، من جراء إصابات بالغة وجهتها له سبعطاش ديسمبر بعناية فائقة، كما صمدت مؤسسة الجيش المنضبطة أمام مؤامرة 2013 التي اثثتها قوى اقليمية ثرية بالدولار والعار، حين استعملت اسمدة متونسة مسمومة منتهية الصلاحية.

بعض الكتائب الافتراضية الزرقاء تحاجج على خلفية أن الأمر لا يتعلق بالجيش الوطني وإنما بانقلاب يقوده الزبيدي! أيها الجيش الازرق، الامر ايضا لا يتعقل بالمؤسسة الأمنية ولا بالمؤسسة القضائية، وبالتأكيد لا يتعلق بقرطاج أين يرابط قيس سعيد ولا بالقصبة اين يلاحقهم الابن العاق للسيستام! إذا من اين سياتي الانقلاب، وكيف تواترت اخباره لليلة كاملة وتراصت وتحاذت وتزاحمت، حتى كدنا نشتم رائحة البارود وخيل إلينا أننا نستمع إلى أزيز المجنزرات، ونتحسس الحبر الذي كتب به البيان الأول!

كيف يقضي الجيش الأزرق ليلته على وقع انقلاب هولامي يدرك جيدا ان لا دخل للجيش والأمن والقضاء وقرطاج والقصبة به!!! كيف يفزع لزبيديات جوفاء متفلتة متنصلة من ثقافة الدولة، كيف يقع ضحية لفهريات يبدو أنها تجود بأنفاسها الأخيرة بعد أن حاصرها تسونامي 6-13 اكتوبر!!!

ثم أن المعارك الاعلامية بين جيش الثورة الازرق وجيش الثورة المضادة الأسود، لا تقتصر على التطاحن التقليدي أو الالتحام على الأرض الاعلامية رجل لذكر، حرة لأنثى، بل لديها جوانبها النفسية، يمكن أن تعصف بخصمك قبل الالتحام إذا هابك وتيقن انك تحسن تقاتل وتفهم الأدوات وتفطن للمفاتيح والممرات، ولديك خبرة في فك الشفرات، عليك أن تقدم مادة اعلامية يوقن من خلالها الخصم انك على دراية بما تفعل وتفقه تضاريس الأرض التي تدور فوقها المعركة.

من المسقطات التي قد تغري بك خصمك، هو هذا التداخل في سلوكك التدويني بين مهام القصبة وقرطاج، وهذا الانتشاء الطفولي بالرئيس دون الاجتهاد في تهذيب تلك المشاعر، يحتقرك خصمك حين لا تكلف نفسك إلقاء نظرة على صلاحيات الرئيس في الدستور وتتحرك بموجبها على السطح الافتراضي، لأنه وحتى تحوز على احترام خصمك، عليك أن تقوم بتصريف عواطفك بما يتوافق مع صلاحيات رئيس الجمهورية، لذلك نؤكد انه من المثالب أن ينخرط الجيش الازرق ليلة كاملة في لكلكة إشاعة الانقلاب، ثم يبدأ في ترتيل انجازات الرئيس التي هي في أصلها أوامر صادرة من القصبة تشاور رئيس الحكومة في بعضها مع رئيس الجمهورية، وتواصل فيها الشاهد بأشكال معينة مع الحزب الحاكم الذي يتهيأ إلى دخول القصبة مع شركائه.

صفارات الإنذار التي تدوي تباعا بل وعلى مدار الساعة في حصون الجيش الأسود، تؤكد ان الجيش الأزرق يحقق حالة من التقدم الباهر وانه يكتسح الجبهة، وأنه يكسب المعركة، فقط لم يبق غير صيانة الاسلحة وتنقيتها من الشوائب والتركيز ثم التركيزعلى تقديم الحقيقة الى المجتمع كما يركز جيشهم الاسود على زرع الإشاعة في المجتمع.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات