أول عملية جراحة ناجحة يقوم بها قيس سعيد..

Photo

في بيان صدر اليوم الثلاثاء أعلنت رئاسة الحكومة التونسية عن اقالة وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي ووزير الخارجية خميس الجهيناوي، وذلك بعد مشاورات تمت بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد ورئيس الجمهورية قيس سعيد، لأسباب موضوعية لم يتناولها البيان ولا الدوائر الرسمية، والاكيد ان المتابع المنتبه للأوضاع سيقف على عملية تشبه التمرد والعصيان تستهدف رئيس الحكومة من طرف الزبيدي والجهيناوي، تجاهل تام يقوم به هذا الثنائي لرجل القصبة، حركة ماراثونية قام بها وزير الخارجية داخل القطاع الحساس دون العودة الى القصبية، وحالة من الرفض الواضح من الزبيدي لأي تفاعل مع رئيس الحكومة كان آخرها غيابه المتعمد ععن فعاليات لجنة المتابعة للكوارث التي ترأسها الشاهد.

لكن كيف تناغم قيس سعيد مع الشاهد؟

يبعث سلوك رئيس الجمهورية على الطمأنينة ويقدم إشارات تدل على احترام الرجل للدستور والقانون، وأن لا سبيل لإنشاء جزر"وزاراتية" مستقلة داخل الحكومة، وعدم التناغم الذي قد يقود الى تعطيل مؤسسات الدولة أو ارتباكها، يعني بالضرورة التخلي عن الفرع وليس الأصل،

ولا شك ان رئيس الحكومة هو فترينة القصبة ورئيس الجمهورية فترينة قرطاج كما رئيس البرلمان فترينة باردو، من هنا لم يكن الرئيس ليسمح بتمرد وزارات سيادية على مركز السلطة في القصبة. من هنا ايضا على كل الوافدين الى الحكومة المقبلة التخلص من اسطوانة "الوزارة الجزيرة" والاستعداد للعمل تحت قيادة القصبة بالتنسيق معها، والفعل ضمن رؤيتها الشاملة، قصبة وليست خبزة! وزارة وليست نتشة! مهمة وليست هبة..

إلى جانب هيبة الدولة وما تتطلبه من انضباط فان قيس سعيد يدرك نوعية العقيدة الدبلوماسية التي يتبناها ويعمل بمقتضاها الجهيناوي، والتي تتعارض في سياقاتها العامة مع قناعات رجل قرطاج الجديد، مثلما يدرك رجل القانون الدستوري المتوج لتوه بالرئاسة أن الزبيدي اقدم على هرسلة اقوى مؤسسات الدولة وأكثرها احتراما ، وسمح باستعمال الجيش في مناوراته السياسية الحزبية الانتخابية، وهو الوزير الأول ربما في تاريخ تونس الذي تحدث عن فرضية تحرك الدبابات لمحاصرة البرلمان! سلوك عرفت به الدول العسكرية النهمة للإنقلابات الدموية.

في محاولة جديدة ومستمر لتسجيل نقاط ضد رئيس الجمهورية على خلفية استدعائه سفير تونس بإيران لحضور لقاء الرئيس بوزير الخارجية الألماني "هايكو ماس" سعت منابر فهرية وأخرى مالية سياسية الى إثارة اللغط حول العلاقة بين سفير تونس بإيران واللقاء مع الوزير الألماني! وارتكزوا على فرية ان طارق بالطيب جلبه شقيقه أو ابن عمه رؤوف بالطبيب الى القصر!!!

بينما لا علاقة لهذا بذاك، فقط يبحث سوس السيستام على مدخل للثلب والتشكيك، ولو تمعنوا لادركوا ان هذا طارق بـــ"الطيب" وذاك رؤوف بـــ"الطبيب"، وبين الطيب والطبيب، مسافة واسعة أوسع من خطورة هذا السوس الذي ما زال يصر على استرجاع الوطن لسيواصل نخره والتمعش به ومنه.

تم استدعاء طارق بالطيب ليس لحضور اللقاء مع وزير الخارجية الألماني وإنما لإجراء مشاورات طويلة مع رئيس الجمهورية حول الملف الليبي، بما ان بالطيب هو رئيس الوفد التونسي المختص بالملف الليبي والرجل الأكثر دراية بتفاصيل الملف وتعقيداته، ولا شك ان قيس سعيد يدرك ان أي خطوة تجاه الجار الشرقي يجب أن تكون مدروسة ودقيقة وشديدة الحذر، فان تساهم تونس في حلحلة الملف الليبي وتقريب الأشقاء الأعداء من طاولة المفاوضات، ذلك النصر الدبلوماسي، اما الاهم ان تحافظ تونس على سلامة حدودها وصفر مشاكل مع جيرانها وذلك هو النصر الوطني.

ذلك ان بلادنا تحتاج حدود أكثر من هادئة، تماما كما تحتاج الى جبهة داخلية تقطع مع الرغاء الأيديولوجي المحنط وتنخرط في الارتقاء بالأمن الاجتماعي التنموي ليلامس منسوب الحريات التي انتزعتها الثورة.

بات رئيس الجمهورية على قناعة أن المرحلة المقبلة التي قد تُمطط بحكم صعوبة المشاورات المتعلقة بتشكيل الحكومة، لا تحتمل تواجد الزبيدي والجهيناوي في منصات دقيقة وحساسة، مع وجود تحركات متفلتة هنا وهناك، تلوح اجنداتها خارج سياق المصلحة الوطنية.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات