قمة تونس و الوضع العربي المتأزم

Photo

تحتضن العاصمة التونسية يوم الأحد الموافق ل31 مارس 2019 القمة العادية العربية التى بلغت دورتها الثلاثون و الثالثة على الأراضي التونسية بعد سنتي 1979 و 2004. لم تعد القمم العربية تمثل أي حدث هام بالنسبة للشارع العربي الذي فقد ثقته الكاملة و نفض يديه من الحكام العرب و هو يشاهد يوما بعد يوم السقوط الحر الذي يعرفه الوطن العربي من المحيط إلى الخليج و من المنامة إلى نواق الشط.

كل التحاليل و القراءات تشير أن قمة تونس لن تكسر القاعدة المألوف و لن تمثل الاستثناء مقارنة بالقمم السابقة و التى لم تخرج من دائرة البيانات الفارغة و الفاقدة لأي قرار يعيد للعربي كرامته و شموخه بين الأمم. قمة تونس يمكن النظر إليها من منظارين و بقرائتين واحدة عامة تخص الشأن العام العربي و أخرى خاصة تمس الداخل التونسي.

بالنسبة للشأن العربي تأتي هذه القمة في ظرفية تاريخية للأسف تعتبر الأسوء في التاريخ العربي منذ التأسيس مرورا بفترة الاستقلال بلوغا للعصر الحالي، إذ يعيش الوطن العربي انقسامات و اختلافات عديدة و صراعات عربية عربية جسدت على أرض الواقع بروز أكثر من حلف و محور، تحالف ثلاثي سعودي، إماراتي و مصري، حلف ثاني بقيادة قطر و محور الممانعة بقيادة سورية و من ورائها حركات المقاومة العربية.

هذه المحاور ساهمت بشكل كبير و مباشر في تردي الوضع السياسي و الاقتصادي و بطبيعة الحال الأمني بعدة مناطق عربية على رأسها اليمن الذي يعيش على حافة الانهيار و يشهد علي أرضها موت الضمير العربي الذي حول شعبها الي شعب يعيش مجاعة و كارثة لم تعرفها الإنسانية سابقا.

نقطة ثانية تتمثل في الحصار السعودي الإماراتي لدولة قطر في سابقة خطيرة تؤكد متى وضاعة القرار السياسي العربي و الذي يحمل بين طياته تهديد غير مسبوق لشقيقه العربي، هذه الأزمة متواصلة لحد الأن و لن تجد صدى على طاولة الحوار بالقمة لعلمنا الشديد لمدى سيطرة النظام السعودي على مقرارات القمة.

قمة تونس ستعرف كالمعتاد شغور كرسي الدولة السورية و ذلك تواصلا لحرب المحاور الإقليمية و الدولية بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة و روسيا من جهة ثانية و بتنفيذ عربي و لن يجد هذا المشكل حلا مدام الصراع و حرب الوكلات قائمة إلى حد الآن بسوريا بالرغم من القضاء على التنظيم الإرهابي داعش و ضربه في مقتل.

لا يمكن المرور دون التذكير بأن القمة تحوم عليها أجواء التحركات الاحتجاجية بكل من السودان و الجزائر كامتداد لثورات الربيع العربي التي لا تجد قبول كبير لدي الشق الخليجي الذي ساهم بشكل كبير باخماد نار الثورة بعدة مناطق عربية على رأسها بمصر.

أما ما يتعلق بالداخل التونسي، تمثل هذه القمة أكبر فرصة للرئيس التونسي للخروج من عزلته التي فرضته عليه من طرف حليفه السابق حركة النهضة بمعية رئيس الحكومة يوسف الشاهد و هو ماجعل من الباجي القائد السبسي يولي اهتمام بالغ بالبعثة السعودية و على رأسها الملك سلمان بلغ الأمر حتى الضغط على جامعة الزيتونة العريقة تقديم دكتوراه فخرية للملك السعودي و قوبل هذا الطلب بالرفض المباشر أين لاقى إشادة شعبية كبيرة تأكد على روح الديمقراطية التي تعيشها تونس بعد الثورة.

هذه الحفاوة السياسية و الإعلامية للوفد السعودي من دون بقية الوفود تحمل بين طياتها عدة رسائل يوجهها رئيس الجمهورية لحليفه الإسلامي السابق باعتماد الورقة السعودية كورقة ضغط و تخويف باعتبار الموقف السعودي من الإخوان المسلمين و النموذج المصري يظل عالق بين الأذهان.

بمناسبة هذه القمة استرجعت تونس بعض المظاهر خلناها ذهبت برحيل الديكتاتورية إذ أن التغطية الإعلامية لأجواء القمة تذكر التونسيين ببعض الممارسات في عهد بن علي. في الختام، تنظم هذه الدورة بتونس التي تمثل نموذج استثنائي بالوطن العربي تمكن شعبها من تغيير المعادلة السياسية المحلية، هل تقدر قمتها على تعديل البوصلة العربية من جديد أو ستخرج خارجة الوفاض مثل المعتاد؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات