الثورة تأكل أبنائها

Photo

الكثير من الدروس التى قدمها لنا تاريخ السياسة و بالأخص تاريخ الثورات التى اجتاحت الكثير من دول العالم ، شمال الكرة الأرضية أو جنوبها. من أكبر تلك الدروس التى ظلت راسخة بالاذهان ، تلك المقولة التى تردد دائما "الثورة تأكل أبنائها؛، أبنائها الذين أمنوا بها من قبل اندلاعها، أبنائها الذين دفعوا الغالي و النفيس من أجل بسط الطريق أمام نجاحها.

الثورة البلشفية بروسيا ، و ثورة الضباط الأحرار بمصر من أبرز الثورات التى أكلت أبنائها قبل خصومها بطرق مختلفة تنوعت بين القتل، و المنفي. في تونس منذ اندلاع شراراة ثورة ديسمبر- جانفي و رحيل بن علي، كان الاعتقاد السائد أن الطريق أصبح مفروش بالورود لجيل من المثقفين والسياسيين أمنوا بقيم الديمقراطية و الحرية و حلموا بتونس متحررة من سجن الدكتاتورية من أجل كتابة تاريخ جديد لتونس أولا و لأنفسهم ثانيا بعد صراع طويل مع الأنظمة الاستبدادية.

إلا أن المتأمل للمشهد السياسي في تونس بعد ثماني سنوات من رحيل سيتأكد جيدا، أن الثورة التونسية كغيرها من بقية الثورات هي بدورها كان لها نصيب كبير من إدارة ظهرها لكثير من المؤمنين لها.

شكري بلعيد و محمد البراهمي حلما بتونس جديدة إلا أن يد الغدر و الإرهاب كانت أسبق لتحول ربيع الثورة إلى كابوس أسود عليهما و على تونس قاطبة. الرئيس الأسبق محمد منصف المرزوقي صاحب التاريخ النظالي الكبير ،اعتلى سدة الرئاسة إثر انتخابات المجلس التأسيسي كأول رئيس بعد الثورة إلا أن فترة رئاسته أسالت الكثير من الحبر و أخرجت الرجل الحقوقي في ثوب الفاشل الصغير على منصب الرئيس بالرغم من تكوينه الثقافي و الفكري الذي قلما نجده لدى شخصية سياسية.

إسم أخر لامع مر مرور الكرام حتى الأن و لم يتحصل على المكانة المنتظرة بعد تاريخ حافل من النضال السري، حمة الهمامي الزعيم اليساري ، فشل في الوصول الى قصر قرطاح مثلما لم يحصل حزبه حزب العمال و من ثم الجبهة الشعبية إثر محطتين انتخابيتين على مقاعد كثيرة تخول له المشاركة في الحكومة المتعاقبة طيلة ثمانية سنوات رغم الدعوات العديدة من أجل الإنتماء إلى حكومة الوحدة الوطنية و ظل في صدام متكرر مع النهضة و رفض للتشارك السياسي صحبتها و أصبح القضاء الفاصل بينهما في ما يخص قضية الجهاز السري لحركة النهضة.

ظلت حركة النهضة الوحيدة المتواجدة على الساحة مع ظهور العديد من الشخصيات التى لا علاقة لها من قريب أو بعيد بكل أي شكل من أشكال الثورة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات