حراك تونس الإرادة … … وتطلعات البناء

Photo

وأخيرا حَزَم الرئيس السابق الدكتور المنصف المرزوقي أمره، واختار تشكيل حزب سياسي "جديد" يخوض به نضاله السياسي ويقدم من خلاله مقترحاته وسياساته لمجمل مشاكل البلد.

بدايةً لا بدّ من تهنئة الأصدقاء الذين التحقوا بهذا المولود الجديد؛ ففي الديمقراطيات الناشئة، تصبح كل مبادرة للتشكل السياسي أو المدني محمودة في ذاتها بقطع النظر عن مواقفنا منها، وذلك لضرورة التكتّل في مواجهة الدكتاتورية، وللحاجة إلى التمايز حول الأفكار والمقترحات المختلفة والمتباينة لترسيخ الديمقراطية وقبول الاختلاف، كلازمة أخلاقية للتحولات السلمية.

جاء تشكيل حزب "حراك تونس الإرادة" مشحونا منذ اللحظة الأولى بكمٍّ هائلٍ من المشاعر والتطلعات المتناقضة – على خلاف الولادات السياسية العادية - . فهو سيحمل معه استبشار البعض بنفحةٍ من هواء نقي وأملٍ في التغيير في ساحة سياسية "عفنة"، كما سيحمل في الآن ذاته مشاعر إحباط وغضب لدى البعض الآخر بما سيراه من عدم تطابق (انسجام) بين المأمول والمنشود من جهة وما أفرزته اللوحة الإعلانية الأولى للحزب من جهة أخرى. عادة ما تتمتع الأحزاب وغيرها من التشكلات المماثلة – إبّان نشأتها – بنوع من حيادية المشاعر تجاهها (؟) أو على الأقل بنوع من الترقب الوجل أو الحالم، ولكن دون إغراق في مشاعر الحب والكره (بمعنى التموقع الاجتماعي)، ولكن لا أظن أن هذا الحزب الوليد سيُمكَّنُ من "لُطف الحياد" من لدُن الأصحاب المفتَرَضين قبل الأعداء / المنافسين المحتملين، فترة سلام تُمكَّنُ فيها المجموعة من تقديم طروحاتها وتفسير خياراتها.

الأسباب وراء هذه الوضعية المحتملة برأيي كثيرة، يرتبط بعضها بالدكتور المنصف المرزوقي رئيس هذا الحزب من جهة، وبما عرفته السنة التي تلت الإعلان عن حراك شعب المواطنين في 23 ديسمبر 2014 من مناقشات وتحليلات واتفاقات وفرز في الفاعلين وفي الآراء سيان من جهة ثانية، كما تعود إلى الأسماء التي تضمنتها قائمة المؤسسين أو التي لم تتضمنها من جهة ثالثة.

ستزيد هذه الوضعية لا شك من تعقيد سياقات العمل والنظر أمام الفريق الذي تحمل أعباء إدارة الحزب الجديد في مرحلته التأسيسية، ولكن ذلك لا يجب - حسب رأيي - أن يدفعنا إلى المسارعة بالحُكم القاطع وبالتصنيف الباتّ لهذه الجماعة أو عليها، فكثير من الأصدقاء المنخرطين في تلك التجربة هم من المناضلين العالمين العاملين، أنقياء السريرة والأيدي، خبِرُوا ساحات المقاومة وخبرتهم.

ولكن السؤال الذي سنعود له حتما في قادم الأيام هو: هل سيكون ذلك كافيا لنعتبر "حراك تونس الإرادة" هو الأداة المــــُـثلى لبناء غد أفضل لتونس ؟ هل يحمل في طياته ما يُنبئ عن شعاراته ؟ أم هل كُتِبَ له أن يكون مجرد "حانوت" من بين الحوانيت الكُثر في الساحة ؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات