ملاحظات على هامش فوز حزب العدالة والتنمية التركي

Photo

من حق المسلمين أن يفرحوا و بالأخص المسلم العربي السني من حقه أن يفرح أكثر من غيره بفوز حزب العدالة والتنمية لأنه مازال يعاني من إشكال العلاقة بين الإسلام والتنمية، والإسلام والديمقراطية، الذي تجاوزه بأقدار المسلم الشيعي كما تجاوزه المسلم في جنوب شرق آسيا ومن الطبيعي أن ينزعج من هذا الفوز ممن يؤمن باستحالة الالتقاء بين الإسلام والمدنية فضلا على أن يكون الإسلام رافعتها بل هم مستعدّون لإجهاض أية تجربة تسير في هذا الاتجاه ولو على حساب مصلحة أوطانهم.

ولكن من الضروري أيضا أن نفهم أن هذا الفوز لم يأتِ اعتباطا ولم يكن فوز المحتج على أحوال البؤس الاجتماعي والانسداد السياسي وإنما هو فوز الذي وجد في التجربة تحقيقا لبعض آماله في العزة والكرامة التي من المفروض أن تشمل كل المناطق وخاصة المناطق ذات الكثافة السكانية الكردية.

عندما تجلس في المقهى في إسطنبول وتسأل مواطنين عاديين عن أوردوغان يبدؤون بالحديث عن ذلك الرجل الذي استطاع أن يتغلب على مشكلة الماء في اسطنبول عندما كان واليا عليها. الفعل الرمزي في السياسة له أهمية كبرى لأنه يخلق حركية أكبر منه. وهذا ما لم يفهمه السياسيون في بلداننا.

علاقة التركي بتاريخه وبإسلامه ليست علاقة متوترة.. والمسافة الزمنية التي تفصله عن "المجد" ليست بعيدة وليس له عقدة مع الغرب الذي لم يستطع أن يبسط نفوذه على أراضيه في فترة الاستعمار والكلمة تم استخدامها للدلالة على عكسها (الاحتلال).

وعي التركي المعاصر لم يعد مشغولا بالمكانة التي يعطيها للإسلام ولكنه محكوم برهانه على الانتصار في معركته ضد التخلف، معينه في ذلك مبادئ الإسلام وأكثر الكيفيات التي أنتجها العقل الإنساني نجاعة لتفعيلها في الواقع.

المواطن التركي الذي يزور المدن الأوروبية الكبرى لا يجد فرقا في مستوى الخدمات وفي كل المجالات بينها وبين اسطنبول، وهذا الشعور يجب أن يصبح عند كل المواطنين الأتراك في مختلف أنحاء تركيا بمختلف انتماءاتهم العرقية فيشعر بالاعتزاز بهويته وبنجاعة خياراته التنموية.

وعليه، من يريد أن يتبع نهج الأتراك فلا تكفي النوايا الحسنة وإنما لابد من توفير شروط النجاح، تحقيقا لمبدأي العدالة والحرية في ضوء رؤية استراتيجية واضحة و من خلال ثقافة العمل وقيمة الإتقان..

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات