تسرَّب خطأٌ جسيم للتَّرجمة وذهبت الضّحكة الرِّئاسيَّة النَّادرة الثَّمينة سُدًى وتبخَّر وهم سراب الألفيْ مليار.. تسرُّب خطأٍ جسيم للتَّرجمة الفوريَّة وَهَبَ تونس وهميًّا 700 مليون أورو من السَّراب "المِيلُونِي"، في حين أنَّ رئيسة وزراء أقصى اليمين العنصري الإيطالي جورجيا ميلوني لم تقصد أبدا أنَّها جاءت وفي جرابها 700 مليون أورو، بل أشارت إلى "دعم الميزانيَّة التَّونسيَّة، وفتح خطوط ائتمان لصالح التَّنمية قبل كل شيء ، بدءًا من الشَّركات الصغيرة والمتوسِّطة حتَّى القضايا المتعلِّقة بقطاع الأغذية الزِّراعيَّة"، وأضافت: "إنه التزام آخر يضافُ إلى العديد من مشاريع التَّعاون الإيطاليَّة في البلاد، والَّتي يبلُغ مجموعها حوالي 700 مليون يورو، وتركِّز الاهتمام على القطاعات ذات الأولويَّة للتَّنمية: الزِّراعة والتَّعليم والتَّدريب المِهني والصِّحَّة والخدمات الأساسيَّة".. هذا ما نشرته رئاسة الحكومة الإيطاليَّة رسميًّا نصَّا وصوتا وصورة على موقها على الشَّبكة العنكبوتيَّة .
فكيفَ تنتدب رئاسة الجمهوريَّة تُرجُمانًا رسميًّا لا يفرِّق بين تعداد المشاريع القائمة للتَّعاون الإيطالي في تونس وبين التزام جديد بضخِّ 700 مليون دولار، ويبث الفوضى ويشيع خبرا كاذبا ووهمًا زائفا تناقلته عنه أغلب وكالات الأنباء الدِّوليَّة في تونس والإعلام المحلِّي الباحث جلِّه عن الحقيقة والمعلومة وبعضه عن "قشَّة" يجدِّفون عليها وبها في كَرْنَكَة الهذيان وبيع ريح الأوهام لمراكب الزَّيف و"السَّير للورى زقَّفونة"؟؟؟
وكيفَ لم يتفطَّن الرَّئيس قيس سعيِّد وهو مغرم بالإدمان على القناة الإيطاليَّة الأولى "راي أونو" أوَّل قناة ذكرت ميلوني أنَّه أسرَّ لها مهاتفة أنَّه شاهدها وتفتَّحت عليها عيناه في مقتبل حياته بل وأنَّه كان متيَّمًا بها (القناة) في شبابه، حسب الدِّعاية المُهينة ل"القَهْقَوَانَة" مِيلُونِي بتدون تكذيب رسمي رئاسي تونس؟؟؟
ثُمَّ كيف صدَّق الرَّئيس قيس سعيِّد أنَّ مِيلُونِي سليلة موسوليني أو غيرها يمكن لهم أن يقرِّروا بزلَّة لسان أو انزلاق ريشة قَلَم أن يصرفوا من خزائن دولهم 700 مليار أورو مثل الأفلام القديمة و"أعطِهِ ألفيْ مليار"بدون شروط ولا معايير ولا رقابة وسَبَهْلَلَا؟؟ فحتَّى "البُوهَالِي" لا يصدِّقٌهَا..
أم أنَّ الرَّئيس سعيِّد تفطَّن للمغالطة وتفطَّن ل"الفخِّ المِيلُونِي" الَّذي أوقع نفسه والدَّولة فيه و"رجع له شاهد العقل" بعد الإطراء المجاني المقزِّز لسليلة الفاشيَّة، وقرَّر نشر فيديو للزِّيارة لا يُسمَع فيه صوته ولا دردشاته ولا نظريَّاته ولا مقارباته.. وانبرى يستقبل وزراء حكومته للتَّدابير الاستثنائيَّة تَتْرَا "بوه على أخوه"، فلاحة على تربية على عدل، لطيِّ الفقرة الدِّيبلوماسيَّة الفاشلة ليوم 6 جوان 2023..
وهي الزِّيارة الَّتي ثأرت فيها مِيلوني لروما من قرطاج في عرينها، بعد 2240 عاما يوما بيوم وشهرا بشهر من هزيمة روما النَّكراء على يد جيوش قرطاج بقيادة القائد التَّاريخي حنَّبعل في معركة بحيرة تراسمينا في عُقر الدِّيار الإيطاليَّة ذات جوان 217 قبل الميلاد في الحرب البونيَّة الثَّانية عندما تطاولت روما على قرطاج وعلى جيوش قرطاج سادة المتوسِّط..
ولو كانت لدينا دولة تحترم نفسها، يكون أبلغ ردٍّ على وقاحة "المِيلُونِي" تنظيم زيارة دولة لرئيس الجمهوريَّة التُّونسيَّة في شهر جوان إحياء انتصار قرطاج على روما وزيارة موقع المعركة، ولاستقبالنا وزرائها وصورة حنَّبعل قائد جيوش قرطاج العظيمة لا تغادرهم أينما حلُّوا وجال نظرهم في تونس، ليعلموا أنَّ قرطاج حيَّة باقية رغم دمار ظلم وصلف روما.. فقرطاج لم تمت ولن تموت..