ستالين وبول بوت وغيرهما…

منذ المرحلة التأسيسية ، آمنت أنه لا يمكن أن تقوم لتونس قائمة مادام البوليس السياسي ( أي الوطد أساسا) بكل أحزابه ومنظماته المدنية ونقاباته المهنية وثقفوته وإعلامييه يتحكمون في المشهد العام في تونس. فالقضاء على خطر الحركات التكفيرية الدينية( خاصة الوهابية السعودية) لا يعني نهاية الأطروحات التكفيرية ولا الاخلص من خطر الوجه الاخر للتكفير: "التكفير المعلمن"، ذلك التكفير المخاتل الذي يصاغ بعبارات الوطنية والتقدمية والديمقراطية والحداثة الزائفة .

من أراد أن يعرف كيف كانت تُكتب التقارير الأمنية زمن "صانع الصناديق والمرتزقة" وتصاغ في شكل مقالات وبيانات ومحاضرات وندوات؛ من كان يريد أن يعرف النواة الإيديولوجية الصلبة لمنظومة الاستعمار الداخلي ولمرتزقة الإعلام والثقافة؛ من كان يريد أن يعرف الناطقين باسم أتعس مدارس الاستشراق الصهيو-مسيحي والحلفاء الموضوعيين لمنظومة التخلف والتبعية والجهوية والزبونية؛ من كان يريد أن يفهم لماذا فشلت تونس في بناء مشروع للتحرر من الاستعمار والاستحمار ومن ميراث عبادة الزعيم وأدبيات "العنف الثوري" و خرافة"الدين أفيون الشعوب؛ من كان يريد أن يفهم من أين أتت "قابلية الانقلاب" وهشاشة المؤسسات وتفاهة المهيمنين على تشكيل الرأي العام؛ من كان يريد أن يفهم لماذا يستحيل في المدى المنظور بناء مشترك وطني أو كلمة سواء بعيدا عن منطق الاستئصال و"التكفير المعلمن" الذي يستلهم سياسات ستالين وبول بوت وغيرهما؛ من كان يريد أن يفهم أننا نحتاج إلى محللين نفسانيين أكثر من احتياجات إلى دجالين يدعون التحليل السياسي؛ من كان يريد ذلك كله فليقرأ بيان الوطد (شق منجي الرحوي) ففيه ما يغني عن الرجوع إلى التاريخ المخزي لهذا الفصيل اليساري في خدمة المخلوع وأذرعه الايديولوجية والأمنية.

فالوطدي لا يمكن أن يفكر في أي خبر إلا بعقلية "المخبر"، ولا يمكن للوطدي أن يرى في من يخالفه في فهم الدين وعمارة الدنيا إلا عدوا وجوديا لا يستحق إلا السجون والمنافي والحرمان من أبسط حقوقه الإنسانية.( وفي أفضل الحالات يمكن أن يكون موضوعا حقوقيا أو ملفا لتحسين مواقع التفاوض مع السلطة وأكل السحت من فتات موائدها) .


…

ولذلك كله كان الوطد دائما كلب الحراسة الأشرس في الدفاع عن كل الفاسدين والمجرمين وقطّاع طرق المواطنة والكرامة، وكان ومازال الخادم الأمين للمنظومة القديمة ولمصالح ورثتها منذ عهد المخلوع ، مرورا بالمرحلة التأسيسية، وصولا إلى هذا البيان المهزلة الذي لا تتجرأ حتى الموساد أو الشاباك على كتابة مثله في التحريض على حركة المقاومة الوطنية والإسلامية في فلسطين المحتلة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات