اعتبار "لجنة البندقيَّة" كيانا غير مرغوب فيه، ومطالبة أعضاءها (عضوان تونسيَّان) بالمغاردة، وردَّة الفعل المتوتِّرة لرئيس الجمهوريَّة واللُّغة السُّوقيَّة تصرُّف غير مسؤول من رئيس الجمهوريَّة.
وهو ما سيزيد في تأكيد المخاوف الوطنيَّة والإقليميَّة والدُّوليَّة من التَّعسُّف في استعمال السُّلطة والانحراف بمقدرات الدَّولة لفرض سياسة الأمر الواقع والتَّلاعب بالإرادة الشَّعبيَّة، عبر استفتاء شكلاني مغشوش ولا دستوري، لا يحترم المعايير الدُّستوريَّة والدُّوليَّة الدُّنيا في تنظيم الانتخابات والاستفتاءات..
نسي رئيس الجمهوريَّة أنَّه استقبل رئيسة اللَّجنة هو و"مرتزقة القانون" الَّذين كلَّفهم بخياطة الدُّستور الَّذي سيُمليه عليهم "حسب الحذاء وحسب المقاس" الرِّئاسي، حتَّى يكيل الشَّتائم لمن التقى اللَّجنة من التُّونسيِّين واعتبرهم خونة وعملاء، في حين أنّه كان أوَّل من التقاها وعرض أفكاره الَّتي وصفها ب"المُلهمة" عليها..
ونسي رئيس الجمهوريَّة أنَّ تونس عضوة في "لجنة البُندقيَّة"، في شخص الخبير المستقل الفقيه القانوني القاضي الإداري وزير العدل الأسبق سي غازي الجريبي، والعضوة المُناوبة الخبيرة المستقلَّة الفقيهة القانونيَّة والدُّستوريَّة وعميدة كلِّيَّة العلوم القانونيَّة والسِّياسيَّة والاجتماعيَّة آلَّا نائلة شعبان زميلته وعميدته، والَّتي عيَّنها غصبا عنها في مرسوم لجنته لخياطة الدُّستور على المقاس المُثير والمثيرة للجدل الدُّستوري+ والقانوني والأخلاقي..
ونسي رئيس الجمهوريَّة أنَّ وزيره للتَّدابير الاستثنائيَّة الخارجيَّة الَّذي استدعاه أمامه كديكور شبه صامت ليجاري العزف المنفرد للدَّردشة الرِّئاسيَّة المفسبكة كان قادما لتوِّه من المطار من القمَّة الإفريقيَّة الاستثنائيَّة لمجابهة ظاهرة "التَغييرات اللَّادستوريَّة للحكومات وللأنظمة السِّياسيَّة" (؟؟؟)..
ونسي رئيس الجمهوريَّة المُدرِّس المساعد للقانون بالجامعات التُّونسيَّة سابقا بأنَّ سيادة الدَّولة لا تعني الفوضى ولا تعني خرق المبادئ والمعايير الَّتي تعارفت عليها الأمم الدِّيمقراطيَّة، ولا تعني التَّفصِّي من الالتزامات الدُّوليَّة للدَّولة في احترام المواثيق الدُّوليَّة الَّتي صادقت عليها واحترام القواعد الآمر للقانون للعُرف الدُّولي..
ونسي رئيس الجمهوريَّة بأنَّ تونس ليس كوريا الشَّماليَّة وليست ليبيا العقيد القذَّافي والرَّائد الرُّكن جلُّود، وأنَّ الخروج من الآليَّات الدُّوليَّة والإقليميَّة لحقوق الإنسان والقانون والدِيمقراطيَّة والتَّعاون الدُّولي لها وقع كارثي على سُمعة الدَّولة لا تحتاج لأيِّ وصف إضافي لوصف حالة العُزلة والعَمى والصُّمِّ والبُكم والتَّوحُّد السِّياسي..
ونسي رئيس الجمهوريَّة أنَّ للكلمات وقعها القانوني والسِّياسي وأنَّه لا يجوز بأيَّة حال من احوال المبالغة، حتَّى تحت سلطان الأرق والغضب، وصف رأي استشاري لهيئة دوليَّة بأَّنه جريمة "اعتداء" أو عُدوان" لها توصيفها الدَّقيق في القانون الدُّولي..
ونسي رئيس الجمهوريَّة أنَّه قام بمعيَّة وزير للتَّدابير الاستثنائيَّة للخارجيَّة بمجهود جبَّار بتوظيف مقدرات الدَّولة للضَّغط على أعضاء "لجنة البندقيَّة" عبر توظيف السِّلك الدِّيبلوماسي التُّونسي في استجداء الدُّول الوازنة في مجلس أوروبا ومنها من وصفها بدولة الحماية وغُلاة مستعمريها وذكَّر بتهكُّمهم على الدُّستور ووصفه بدستور "دعني أضحك"..
ونسي رئيس الجمهوريَّة أنَّ تونس تعاملت ولا تزال مع "لجنة البندقيَّة" بطلب الآراء الاستشاريَّة، وأنَّه شارك في أشغاله بتقديم الرَّأي الاستشاري عندما استمعت إليه سابقا أثناء صياغة الدُّستور..
ونسي رئيس الجمهوريَّة أنَّه طلب رأيا استشاريًّا من ذات "لجنة البُندقيَّة"، عبر وزارة الرَّئيس للتَّدابير الاستثنائيَّة لأملاك الدُّولة والشُّؤون العقَّاريَّة، حول (مشروع) قانون الصُّلح الجزائي..
ونسي رئيس الجمهوريَّة أنَّ ّلجنة البُندقيَّة" أصدرت آراء سابقة استشاريَّة حول تونس لم تُجار توجُّه الحُكَّام في حينها ولم يواجهوها بوابل من الشَّتائم والتُّهكم والتَّوتُّر..
ونسي رئيس الجمهوريَّة أنَّ الرَّأي الاستشاري للجنة البندقيَّة كان بطلب من مفوَّضيَّة الاتِّحاد الأوروبي لبلورة الموقف القانوني والسِّياسي النَّاظم للعلاقات الثُّنائيَّة بين تونس ودول الاتِّحاد في ضوء التَّدابير الاستثنائيَّة وما تولَّد عنها، وأنَّ موقفه اللَّيلة كان منتظرا في ثنايا الرَّأي الاستشاري الَّذي حدَّد السُّقوف الدُّنيا للاعتراف بشرعيَّة ومشروعيَّة "الاستفاء الرِّئاسي" حول "دستور الرَّئيس" الَّذي لا يعلمه إلَّا الرَّئيس والرَّاسخون في مشروعه من "مرتزقة القانون" و"الهياكل الفوضويَّة التَّفسيريَّة المؤقَّتة" لمشروعه الهلامي..
ونسي رئيس الجمهوريَّة أنَّ كلَّ ما ورد بالرَّأي الاستشاري يُصرِّح به يوميًّا فقهاء وأساتذة القانون في تونس ويوجِّهون آراءهم بكل احترام لزميلهم السَّابق الَّذي يشغل وظائف رئيس الجمهورية المباشر بالعدول عن مغامرة الجنون القانوني والدُّستوري والتَّشريعي.. ولكن.. أسمعت لو ناديت حيًّا، ولكن لا حياة لمن تنادي..
ونسي رئيس الجمهوريَّة كُلَّ ما كان يدرِّسه ويصدح به من تنديد بالاستفتاءات لشرعنة قرارات سابقة تمَّ اتِخاذها والدَّساتير الَّتي صيغت على مقاس حذاء وقياس كساء الحاكم العربي..
ونسي رئيس الجمهوريَّة أنَّ "دستوره" و"استفتاءه" ليسا محلَّ اجماع ولا توافق ولا أغلبيَّة، لا على المستوى الوطني ولا حتَّى الأكاديمي، وأنَّه يقود البلاد في مغامرة شخصيَّة لفرض "نظريَّة خاصَّة" لفرض الحُكم المطلق الفردي المغرق في الشَّخصنة وسلب السِّيادة الشَّعبيَّة وتقويض أركان الدَّولة لفائدة الشَّخص، ليُسقط تونس في تصنيف "الحُكم الفردي غير المقيَّد بقانون"..
ونسي رئيس الجمهوريَّة أنَّ مستوى المشاركة في قمَّة تيكاد الثَّامنة للتَّعاون الياباني الإفريقي مرتبط بتقرير "لجنة البندقيَّة" بل حتَّى إلغاء المشاركة الحضوريَّة أصلا وتعويضها بالتَّناظُر عن بُعد، وأنَّ قمَّة الفرنكوفونيَّة في جربة رهينة مدى الالتزام بالمعايير الإفريقيَّة والفرونكوفونيَّة والدُّوليَّة للدِّيمقراطيَّة فيهما ذكَّر به الرَّأي الاستشاري للجنة البندقيَّة..
ونسي رئيس الجمهوريَّة أنَّه بيَّن للعالم أجمع اللَّيلة وبحضور وزير للتَّدابير الخارجيَّة أنَّه لا يقيم وزنا للرَّأي المخالف حتِّى وإن كان استشاريًّا ولا للحوار ولا للمعايير الوطنيَّة والدُّوليَّة وبأنَّه لا يعتدُّ إلَّا برأيه وبأفكاره "المُلهمة"..
ونسي رئيس الجمهوريَّة أنَّه يسارع اللَّيلة بالسَّير بنفسه ولتونس إلا المجهول وبهرولة "السَّير للورى زَقَّفُونة" بالهرولة القهقرى للوراء والإيهام بالتَّقدُّم، على رأي الشَّاعر الجَحْجَلُول الشَّاعر الخيالي للمعرِّي في "رسالة الغٌفران" الَّذي ما فتئ "يتزقفنُ" بحيله الأدبيَّة والشِّعريَّة وإسقاطها في عالم الحيل الشَّرعيَّة فضاء خارج مَعرَّة النُّعمان..
حفظ الله تونس من "السَّير للورى زقَّفونة" والإيهام بأنهار من مياه سراب وبجبال من كنوز أوهام..