"الديكتاتور الخارق للدستور" بروح كارل شميث في بلادنا

شكرا للصديق الذي عاد اليوم في تدوينة مفيدة وذكية الإشارة إلى المنظر السياسي والقانوني الألماني كارل شميث، أحد أبرز منتقدي الفكر الليبرالي والديمقراطية البرلمانية والتعددية الحزبية في ظل أزمة "جمهورية فايمار" و في أوج صعود النازية التي انتمى إليها، بل كان من أعمدتها الأكاديمية ومازال يمثل إلى اليوم مصدرا من مصادر تيار "المحافظين الجدد".

نجد ضمن أعمال هذا المفكر الألماني تمجيد الرئيس "الديكتاتور" الذي يجسّم السيادة أو السلطة المطلقة إذ يحسن استغلال "الحالة الاستثنائية" المنصوص عليها في الدستور للحسم والقطع مع التوافقات البرلمانية والنقاشات السياسية البطيئة والعقيمة والخروج عن "الحالة القانونية" (أو كيف يمكن بكل سفسطة أن تكون "دولة القانون" ضد "قانون الدولة")،

كما نجد هذا الخبير الدستوري الخطير في كتاب آخر يتفنن بلغة فلسفية وقانونية وتاريخية " دامغة" في تفصيل مسألة "الشرعية والمشروعية" ويركز أيضا في المجال السياسي على أهمية الهيمنة بالنسبة إلى الدولة (مدرسة هوبز حيث الإنسان شرير بطبعه وذئب لأخيه الإنسان) وأولوية التمييز القومي بين العدو والصديق وصولا إلى تأميم العداوة والكفاح (العنيف) المستمر والمتوسع لصالح وحدة الدولة القوية المقدّسة التي تأخذ بعدا لاهوتيا لتحتل مكان الإله (وهذه فكرة ذات جذور هيجلية)…الخ.

اللعنة، هل ينبغي أن نعود إلى عشرينيات وثلاثينيات القرن الفارط وأدبيات أخطر منظري النازية والفاشية (اللتين آلتا بفضل تبريرهم الفكري وتزويقهم الدعائي إلى الخراب) حتى نفهم المراجع والمصطلحات الخارجة عن سياقها والمفاهيم السياسية "المضروبة" التي يعتمدها ويرددّها في خطابه العدواني المتشنج وبقبضة يده "الحاكم الاستثنائي" عندنا من أجل الدخول في كتب التاريخ دخول الموصومين هتلر وموسيليني؟

أم يمكن الاكتفاء بالكتب التجارية المتعالمة لبعض أحفادهم من المستشرقين اليمينيين المحسوبين على دوائر السلطة في "المتروبول" ومراكز دراساتها الاستراتيجية، وقد استقبل "منقذنا" في قصره الرئاسي أحدهم ليهديه كتابا فرنسيا حول "الخروج من الفوضى والأزمات في المتوسط والشرق الأوسط" (ههه) ؟

ربما يكون "الديكتاتور الخارق للدستور" بروح كارل شميث في بلادنا، من "المحافظين الجدد"، ولكن يستحيل أن يكون لهؤلاء في بلدان العالم الثالث نفس النكهة السيادية والاستعمارية لنظرائهم، بل أسيادهم في الدول الغربية وإن التقوا في إطار المناولة حول مسألة "استكشاف العدوّ" المشترك والتركيز عليه؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات