التطبيع مع الفاشية أولى بالمناهضة، ومقدمةٌ إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني

Photo

فحقيقته استهداف الديمقراطيّة باستنزاف مسارها،

مررت، هذا الصباح، أمام مقرّ اتّحاد العلماء المسلمين ـ فرع تونس بشارع خير الدين. فلول من أعوان الفاشيّة (مجموعة صغيرة) يجلسون على كراسي تحت تيندات منصوبة في وجه باب المقرّ الرئيسي، تعطّٰل الدخول إليه. وكأنّهم يمركوا في الجورناطة.

والمشهد أشبه ببقايا مجلس عزاء في حي شعبي. مشهد فضيحة في مواجهة كلّ ما عشناه من 2011. مشهد يسفّه كلّ معنى وكل قيمة حُمِلَت، وكل جهد ومقاومة وتضحية بُذلت.

مشهد محزن. مشهد يتحدّى الدولة في كل أجهزتها ورموزها، فالفاشية تنفّذ قانونها الخاص، بعد أن حكم القضاء بغير ما أرادت في موضوع الاتحاد. ولم تتكلم منظمة واحدة عن الحقوق والقانون وضرورة الالتزام بهما.

ولم صمت الجامعيون عما نال زملاءهم من إهانة. الجميع يتفرّج بما في ذلك "الضحايا". والفاشية تصول وتجول في الشارع كما صالت وجالت في البرلمان. وموضوع اتحاد العلماء ليس أكثر من مسار جحا. وشخصيّا لا يعنيني هذا الاتحاد بخطابه الشريعي لا قريب ولا من بعيد.

مشهد يفضح الإعلام الذي غطّى بلطجتها وبرهان جعل منها نضالا، ويحتفي منذ أيام بتنويرها، وبخروجها من الاحتجاج إلى البناء حسب زياد كريشان.

مشهد يفضح الأحزاب التي سكتت عن بلطجة الفاشية في البرلمان واستهدافها الديمقراطيّٰة واعتبرتها وجهة نظر سياسية. مشهد يفضح تقاطع هذه الأحزاب معها وانتهائها إلى استنساخ أساليبها في البلطجة وفي تعطيل المؤسسة الأصلية بخطاب الترذيل والتخوين والاعتصامات الفاشلة.

الفاشية تنفّذ أجندة معروفة تستهدف الديمقراطية في بلادنا بلا مواربة، وتستنزف التجربة وتعمل على إنهاكها لإخضاعها إلى شروط التطبيع مع الكيان. فالتطبيع واستهداف الديمقراطيّٰة وجهان لحقيقة واحدة. وكذلك الاستبداد والاحتلال. تلك حقيقة أدركتها الجموع ببداهتها وسلامة فطرتها السياسية عندما ربطت بين إسقاط النظام وتحرير فلسطين.

الفاشية في تونس والمخزن وأدواته في المغرب و"حزب فرنسا" في الجزائر (العائدة رموزه هذه الأيام) المناهض للحراك الشعبي وللحرية والمسؤول عن مجازر التسعينيات، ثالوث يتقاطع في جعل التطبيع مقدمة إلى ضرب الديمقراطيّٰة، واستهداف الديمقراطيّٰة في تونس وحراكها الكامن في الجزائر والمغرب مقدمة إلى التطبيع.

في تونس لا مصداقية لمن يتقاطع مع الفاشية وقتْ يحلّ فمّه بمناهضة التطبيع ويثرثر بمحاربته. فالفاشية والتطبيع حلقتان في أجندة واحدة. وقبل هذا وبعده الفاشية بروفة من نظام الاستبداد ومنظومة تعذيبه تدور أمام أعين الجميع، وتتهيّأ لإجهاض الديمقراطيّٰة ومسارها.

معادش تتكلموا على التطبيع، والفاشية تبول عليكم وعلى ثورتكم بالواڤفة، وتتقدّم في فراغ الدولة، وتواطؤ إعلام اللوبيات، ولؤم الأحزاب الوظيفيّة وبهامة البقية.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات