آخر الخبراء..

Photo

تتذكرون ذلك السيل من الخبراء الذين ملؤوا علينا الفضاء، خبراء في كل شيء، في الاقتصاد، وفي العلوم السياسية، وفي المالية العمومية وفي الإستراتيجيا وفي الإرهاب، وفي العلاقات الدولية، وفي الجيوبوليتيك... وقس على ذلك، خبراء لم نقرأ لهم مقالا علميا واحدا في المجالات التي ادعوا الخبرة فيها، ولو كان لنا فعلا خبراء مثلهم، في الميادين التي ادعوا الخبرة فيها، لكان لدينا أفضل اقتصاد وأفضل نخبة سياسية وأفضل مالية وأفضل وأفضل.

على كل لم يتأخر هؤلاء عن الاندثار واندثروا. وسيعودون عندما يستحقون إليهم. قيس سعيد في الحقيقة لا يخرج عن تلك الموجة. والدليل أنه يشترك معهم في عدم كتابة ولو مقال واحد في القانون الدستوري. ببساطة الرجل لم يصل إلى الدرجة العلمية التي تمكنه من ذلك. هناك بطبيعة الحال في تونس أساتذة للقانون الدستوري، لهم إضافاتهم وكتاباتهم.

وهو ليس من بينهم. وليس ما يقوله في المجال إلا اجتهادا لا يختلف كثيرا عن اجتهاد أي شخص له زاد ثقافي عادي. بل هو يخطئ في هذا المجال. من ذلك هل يجيز له الدستور أو أي تأويل للدستور التدخل الشخصي في تعيين الوزراء، مثال وليد الزيدي؟

لا طبعا. هل يجيز له الدستور مثلا التدخل في أي ميدان غير الخارجية والدفاع؟ لا طبعا. غير ذلك، هو رئيس الجمهورية نحترمه لأنه رئيس الجمهورية، ولأنه يلتزم طبقا لفصول الدستور بالخارجية والدفاع وتعيين مفتي الجمهورية ومحافظ البنك المركزي بالتشاور مع رئيس الحكومة.

الذي حدث هو..

قرطاج لا تستطيع أن تتحكم في القصبة، ولا أن تهمش باردو. الدستور يفرض نفسه، رغم التأويلات الموجهة من قيس سعيد. بمعنى أن النظام البرلماني لا يمكن تجاوزه. ذلك أن الدستور يحرر رئيس الحكومة من قبضة رئيس الجمهورية لينحاز إلى البرلمان.

سبق أن حدث هذا مع يوسف الشاهد إزاء الباجي قايد السبسي، وهاهو الأمر نفسه يتكرر مع هشام المشيشي إزاء قيس سعيد. ولم يبق لرئيس الجمهورية إلا الالتزام بسلطاته الدستورية. وعندما يترشح في المرة القادمة بإمكانه أن يقدم في برنامجه تحوير النظام إلى نظام رئاسي أو حتى رئاسوي.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات