إلى السيد رئيس الدولة: لا تتبع هواك وإن ظننت أنه الحق.

Photo

هكذا نحن كلما استحضرنا التاريخ بحرفيته وشكلياته وسحبناه على حاضرنا كما هو، دون تعقّل ومراعاة للزمن أسأنا إلى أنفسنا وشوهنا التاريخ.

سيد الرئيس، عمر بن الخطاب حارب الفقر في عصره بأدوات ذلك العصر وحمل على ظهره كيس الطعام في المدينة، ذلك منطق الزمن وثقافته. ولكنه أيضا كان ينشئ في الأثناء مؤسسات تحل محل الفعل المباشر للحاكم وتعبر على فلسفة السلطة كرؤية تحمل أدوات تنفيذ ومؤسسات. فأحدث ديوان الجند وديوان الخراج وديوان المظالم…وقد أتى بفكرة الدواوين من بلاد فارس السابقة للعرب في الملك وسياسة الدول..

سيد الرئيس، لما سمع عمر أن معاوية في بلاد الشام قد لبس الديباج واستخدم الجند من حوله واحتجب عن الرعية سأله عن ذلك فقال له معاوية "إن أهل الشام قديموا عهد بهيبة أباطرة الروم فلا تقع مهابة السلطان في نفوسهم إلا بهذا الأمر " ففهم عمر هذا المستجد في عالم السياسة والملك..

سيدي رئيس الدولة أرجو أن تراجع مسلماتك في التاريخ والقيم والمبادئ وأن لا تجري الحوادث العظيمة على ظواهرها فتجوب القرى بحثا عن الفقراء كما جاب عمر في المدينة فزياراتك يجب أن تكون مدروسة واستراتيجية وليست تقنية في توزيع المساعدات بيدك هذا منطق عصرنا أنك من يشرف ويقود ويتابع ويرد الحقوق..

سيد الرئيس، اجعل في من حولك مستشارين ونصحاء في العلوم الانسانية فلقد أكثرت من فقهاء القانون الذين يجرون النصوص على ظواهرها كصنيع فقهاء الظاهرية الذين تأولوا الاستواء على العرش جلوسا …

فلا تستوي على كرسي الرئاسة حتى يكون لك نصيب من نصحاء حكماء.. أو من سماهم عمر بالبطانة الصالحة إذا كان في الحق أيدوه وإذا أخطأ قوّموه…

سيد الرئيس لقد أعطى الله داود الحكم ولكنه لم يكن عادلا حتى آتاه فصل الخطاب ثم نهاه أن يتبع هوى نفسه في سلطانه. فقال له "ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله " …

فلا تتبع الهوى وإن بدى لك حقا أو صدقا حتى تسمع ناصحين صادقين عارفين وتأخذ بأحسن القول لقد استشار قبلك النبي وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي.. وهم خير منك ورجعوا عن أمور في الدنيا التي لا تساس فقط بالنوايا الصادقة.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات