واحدة من أدب السجون في سوريا..

Photo

السجن هو سجن تدمر، والرواية عنوانها "يسمعون حسيسها" لصاحبها أيمن العتوم، هذه الرواية أشار بها علي أحد الأصدقاء، ولكني نسيت الأمر أو أجّلته لكثرة المشاغل، فعاد من الغد ليسألني إن كنت قرأتها، فلم يمر ذلك اليوم حتى نزّلتها من الانترنت، وفرغت منها على قعدتين. انتهت أولاهما عند الساعة الواحدة صباحا، لم أترك منها للقعدة الثانية إلا 100 صفحة على 367.

لم يشدني أسلوب كاتبها، ولم يكن مطلوبا منه هنا أن يرتقي إلى أناقة الكتابة وطراوتها وبهجتها عند الفُضلى ليلى الحاج عمر في "برزخ العشاق" مثلا أو "مخلاة السراب" لنور الدين العلوي، وإنما ما شدني في هذه الرواية أنها من أدب السجون.

"يسمعون حسيسها" هي رواية تصف ما جرى على صاحبها في عهد حافظ الأسد بسجن تدمر بسوريا فيما بين 1980 و1997، ولا يحتمل وصفه أي مقدار من المبالغة، وهذا السجن البغيض كان موضوع تقارير حقوقية دولية، كان جحيما حقيقيا، وقد نقلت الرواية بعض ما عايشه صاحبها فيه طوال سبعة عشر عاما.

قرأت قبلها عدة عناوين من أدب السجون كتبها تونسيون ومغاربة ومصريون، من أجيال وتيارات مختلفة، يساريون وإسلاميون، ولكن هذه الرواية غطت عليها جميعا. ويبدو أن ذلك يعود إلى أن سجن تدمر مرعب بشكل يختلف عن السجون في بلداننا، وأن السجانين في تدمر يختلفون عن السجانين في بلداننا.

ورغم أني نزلتها من الانترنت، في نسخة مقرصنة، والأكيد أن الكثيرين فعلوا مثلي، فإن ذلك لم يحل دون استمرار طباعتها، ناهيك أن الطبعة الأولى قد تمت في أكتوبر 2012، والطبعة الثالثة التي أخذت منها النسخة المقرصنة تمت في ماي 2013، وفتشت عن آخر الطبعات منها فوجدتها قد تمت في 2019 وهي الطبعة الثانية والعشرون، نعم 22 طبعة في 8 سنوات.

ذلك ولا شك من شأنه أن يسعد كاتبها وناشرها والموزعين، وأما سعادتي فمأتاها ليست الأرباح وإنما من أن هذه الطبعات المتتالية تعكس كثافة الإقبال على هذه الرواية بما يعكس بدوره روحا عربية جديدة ترفض الظلم والاستبداد والقهر والقمع والدكتاتورية، إنها تؤذن بغروب الأنظمة العربية الفاسدة الفاجرة المستبدة، وتبشر بمستقبل عربي مختلف، يكون الفعل فيه للشعوب، ويتقدم فيه العرب لصناعة التاريخ.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات