الشرق والغرب..

Photo

مع القذافي اتجهت ليبيا في البداية نحو المشرق ثم نحو المغرب العربي، وانتهى بها الأمر بالاتجاه نحو الجنوب في اتجاه العمق الإفريقي. وكان ذلك يعبر عن انقسام داخلي، بين ثلاث مناطق. فالشرق كان دائما تحت التأثير المصري، والغرب كان قريبا من تونس ومرتبطا بها، وأما فزان فقد حاولت فرنسا ربطها بإمبراطوريتها الاستعمارية في القارة السمراء.

وللتاريخ فإن الملك السنوسي كان ينوي الاكتفاء بمد مملكته على الشرق، والزعماء الوطنيون لطرابلس هم الذين دعوه وألحوا عليه ليضم الغرب ويحقق الوحدة الوطنية وهو ما تم في 1951، أي أن الوحدة الليبية تعود فقط إلى أقل من سبعين عاما وهو زمن قصير جدا في عمر الشعوب.

ومن هذه الزاوية فإن ما يحدث الآن في ليبيا يهدد بالعودة إلى ما قبل 1951 والانفصال بين الشرق والغرب، ولن يفلح الحسم العسكري في الرتق بينهما، وإن حدث فلن يستمر طويلا.

ميدانيا حفتر يمثل الشرق الليبي وهو يحظى بالدعم العسكري لمصر والسعودية والإمارات، وحكومة السراج تمثل الغرب والتدخل التركي من شأنه أن يمكنها من عوامل الصمود أمام حفتر، وهو ما من شأنه أن يحدث نوعا من التوازن، ويعود عمليا الوضع إلى ما قبل 1951.

إزاء ذلك فإن التدخل الجزائري في المعادلة، والدفع نحو الحل السلمي بين الجانبين المتصارعين من شأنه أن يضمن وحدة التراب الليبي. غير ذلك سنجد وحدتين ترابيتين وربما كيانين سياسيين، متعاديين.

تونس ليست وطنهم..

فرنسا، مصر، سوريا، العراق، إيران، روسيا، الصين، ألبانيا، السعودية، ليبيا. تلك أهم البلدان التي كانت تمثل نماذج للتيارات الفكرية والإيديولوجية والسياسية في بلادنا، خذ أي تيار إيديولوجي، سواء كان ليبراليا أو يساريا أو إسلاميا أو قوميا ستجد أن هوائياته الفكرية متجهة نحو أحد تلك البلدان، فإن لم يكن الآن، فعند التأسيس وخلال فترات طويلة جدا من تاريخها. لا يخرج أي تيار عن هذه القاعدة. وذلك يعني شيئا واحدا،

وهو أن تلك التيارات غير مقتنعة بتونس وطنا أو شعبا أو كيانا يمكن أن يقوم بذاته، ولذلك تراها تشرئب نحو أوطان أخرى اتخذتها نماذج. بالتبعية خذوا زعماء تلك التيارات جميعهم، من منهم أضاف إلى الفكرة التي يتبناها وطورها بما يقتضيه الواقع التونسي؟ هم مكتفون بما تكوّنوا عليه أول مرة، لا يضيفون إليه حرفا أو جملة مفيدة. هم تبّع ويجعلون من تونس مجرد زائدة، لا تنتج شيئا ولا شأن لها بين الأوطان.

طرابلس خط أحمر..

هكذا قالت الجزائر، وقولها الفصل، وقد دعت إلى "فرض الوقف الفوري لإطلاق النار"، وهو ما لا يخدم حفتر وداعميه، خاصة وقد اعتبرت الجزائر مجزرة الكلية العسكرية بطرابلس التي قام بها حفتر بأنها ترتقي إلى جريمة حرب. للجزائر وزنها ويعرف داعمو حفتر هذا الوزن، فأرادوا استغلال المشاكل الداخلية التي تمر بها الجزائر، من أجل حسم معركة طرابلس عسكريا. والجزائر تدرك أن ذلك يجعلهم يهددون الجزائر،

وها هي تقول بكل وضوح بأن "طرابلس خط أحمر".

عندما تتكلم الجزائر يصمت الجبناء.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات