عملاء ومرتزقة... وغير وطنيين…

Photo

عندما ترى ان حكوماتنا التي تمثل الأحزاب الحاكمة تبرم اتفاقيات غير متكافئة مع بلدان الغرب ...يتملكك شعور انساني بالقرف... لأنك تشعر في أعماق نفسك انك إنسان ومواطن في العالم من درجة ثانية...غير متساو في الحقوق والواجبات مع مواطني تلك البلدان... لأن من يحكمون بلادك لا يدافعون عن حقوقك وحقوق شعبك... ويفرطون فيها بجرة قلم وبكامل الوقاحة لفائدة حكومات تلك البلدان ومن يمثلوهم....

حصل هذا كثيرا في تاريخ الاستبداد في تونس ويتواصل منذ الثورة...مع الحكومات المتعاقبة التي انتهجت سياسة بن علي في المجال الديبلوماسي والمالي والاقتصادي والاجتماعي...بدعوى "الواقعية"...وضرورة جلب الاستثمارات والسياح والقروض...الخ...فاوصلو البلاد مع بعضهم تباعا إلى ما هي عليه الآن من خراب في كل المجالات....

ويتجلى ذلك مثلا في اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والمفاوضات حول اتفاقية الاليكا التي ستعكر الوضع أكثر..والاتفاقيات المتكررة مع صندوق النقد وهو الة من آليات الغرب ولصالحها....الخ…
وما حصل البارحة في مصر في الإجتماع بين رؤساء دول الجامعة العربية ودول الاتحاد الأوروبي لا يخرج عن هذا النطاق…

فكل تلك الاتفاقيات المبرمة لا تعطي نفس الحقوق والواجبات لمواطني ضفتي المتوسط مثلا...فهي منافية للمساواة...وقائمة في جوهرها وفي بنودها الأساسية على التميبز... ويتجلى ذلك مثلا في في حرية التنقل...وفي حرية الإقامة...وفي حرية الإنتصاب... وفي "التشجيعات" الضريبية التي تعطى للشركات الأوروبية في تونس ولا تتمتع بها مشاريع التونسيون في أوروبا...وفي تقدير نوعية وسلامة البضائع (ISO) المتداولة بين الضفتين التي يحددها الاتحاد الأوروبي دون سواه...وفي تمويل الفلاحة الأوروبية على نطاق واسع في شكل إعانات بدون رجعة (ولا قروض تسترجع) من طرف الاتحاد الأوروبي فيما يسمى السياسة الفلاحية المشتركة (PAC)...وهي جزء هام من ميزانية المفوضية الأوروبية…

في حين انها غير موجودة في بلادنا مما يجعل المنافسة بين الفلاحة التونسية والفلاحة الأوروبية غير متكافئة وهذا رغم تدني واقع الفلاحة عندنا وتخلف منشءاتهم وعصرنتها... ويجعل منها منافسة غير شريفة كما يقال...ولو عكسو لتحقيق المساواة والمنافسة الشريفة لاصابو...الخ...والقائمة لا تزال طويلة...جدا…

والانكى ان حكوماتنا المتتالية تصدر قوانينا عن تخطيط ممنهج...منافية لحقوق الإنسان والمساواة...لتطبيق هذه الاتفاقيات...قبل حصولها...وبعده...كمشة عملاء... فهي تقمع مواطنينا الذي يتمسكون بممارسة نفس الحقوق الإنسانية التي يمارسها مواطنو تلك البلدان في بلدنا... وهي كثيرة.... مثل القانون المتعلق بالهجرة "السرية" سيء الصيت الذي شدد بن علي الفاسد في توصيف جرائمه وفي تحديد عقوباته....و الذي رمي باجيال من شبابنا بمقتضاه في السجون...فقضى عليهم...ولا يزال معتمد...والملفات المتعلقة بهكذا قضايا الآن تملأ رفوف المحاكم…

ومثل قانون "استقلالية" البنك المركزي...المستقل عن الحكومة التونسية...وغير مستقل في سياسته عن صندوق النقد والبنك العالمي...وبقية الدوائر المالية العالمية...والذي مثلا تعمد اخيرا سرقة جزء مما تحصل عليه الموظفون وأجراء القطاع الخاص من زيادات لا تكفي في حد ذاتها لمواكبة غلاء المعيشة...بواسطة الترفيع في الفائدة المديرية عن قروضهم (ت م م)...الخ…

وما حصل مثلا من اجتماع البارحة في مصر بين دول الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي من بين أهدافه تعميق هذه الانتهاكات والمزيد منها…من طرف العملاء العرب حتى يرضى عليهم أسيادهم الأوروبيين… للعلم فإن الاتفاقيات غير المتكافئة مخالفة لمبادىء الشرعة الدولية…المؤسسة على السيادة الوطنية… لانها انتهاك لحقوق المواطنة…والمساواة بين الشعوب…

ولكن في حالة اقتراف حكومة الإمضاء على اتفاقية دولية غير متكافئة…فإن الشرعة الدولية تسمح بذلك…وبالتالي فإن تلك الحكومة تتخلى عن تلك السيادة…وتلزم بلادها وشعبها بها للعقود المقبلة…

كان ما تعرفوش تدافعو على السيادة الوطنية…ولا عاجزين اتدافعو عليها…استقيلو يا طحانة (طحانة بمعنى قوادة المستعمر كما كانت تعرفكم الحركة الوطنية(.. وخليو البلاد لأهلها الوطنيين ولشعبها…

تونس موش كيفكم يا عملاء… فيها برشة برشة نساء ورجال قادرين يدافعو على حقوق مواطنيهم وعلى سيادة شعبنا…..

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات