مستعدون للحكم، مستعدون …

Photo

نفس العبارات تقريبا رددها قياديون في الجبهة الشعبية، حمة الهمامي أولا عندما دعا الجبهة الشعبية للاستعداد للوصول إلى الحكم وقيادة البلاد (5 أكتوبر 2015) ثم أحمد الصديق الذي قال لراديو ماد يوم 1 نوفمبر "إن الجبهة الشعبية مستعدة للحكم، ولديها تصورات في كل المجالات واقعية وقابلة للتطبيق". وها هو يوم 26 ديسمبر منجي الرحوي يقول نقلا عن موزاييك آف آم في تصريح له بمدينة سليمان إنه "على الجبهة الشعبية أن تستعد للحكم". ما يجمع بين تلك التصريحات هو أنها تعبر عن التعطش إلى الحكم.

وإذ التقى ثلاثة قياديين على ذلك مستعملين نفس العبارات تقريبا، فإن المسألة تصبح "جدية" و"مسؤولة" ولا يمكن اعتبارها زلة لسان، حيث لا يجوز حدوث زلة لثلاثة ألسنة معا. وهنا يجوز التساؤل إن كان ذلك نتيجة قراءة الواقع أو أنهم يتحكمون في المعطيات الميدانية ويجوز التساؤل هنا عن الأوراق التي بين أيديهم إن كانت داخلية أو حتى خارجية؟ مجرد سؤال.

على أية حال صياغة ما قالوه تشي بأن الأمر وشيك الوقوع، أو أنه إيعاز بالتنفيذ. يبقى فقط المدى إن كان أسابيع أو أشهرا. ومهما يكن ذلك فإن هذا الاستعداد الفوري لا يخرج من ثلاثة سيناريوهات أو فرضيات لتحقق الجبهة من خلال إحداها غايتها في الوصول إلى الحكم. يبقى علينا أن نتساءل هل يكون عن طريق انتخابات ديمقراطية أم عن طريق انقلاب أم يكفيها قراءة الواقع الحالي؟

1-في ظل الواقع الحالي، هل بإمكان الجبهة الشعبية ب15 نائبا أن تحكم بمفردها؟ لا طبعا وإنما ضرورة أن تدخل في ائتلاف حاكم، وتضمن مساندة شق مرزوق الندائي ب31 نائبا وبقية الكتل النيابية بمن فيها حلفاء النهضة من نواب المؤتمر، وحتى "شركة" الوطني الحر والتعبير للجبهويين وحزب آفاق تونس اليميني الليبرالي، وبقطع النظر عن خلافات هذه المجموعات والكتل حول كل شيء وعلى فرض اتفاقها جميعا على مساندة الجبهة الشعبية، فإن الجبهة لن تصل إلى الحكم لأن نداء تونس بعد أن انسحب منه 31 نائبا يبقى لديه 55 نائبا وهو ما يجعل هؤلاء يتمسكون أكثر بالتحالف مع النهضة التي لديها 69 نائبا، بمعنى أن للحزبين بمفردهما 124 نائبا وهي أغلبية مريحة لهما للحكم، والحيلولة دون الجبهة الشعبية والحكم. هات فرضية أخرى.

2-عن طريق انتخابات سابقة لأوانها، مثل هذه الانتخابات قد يحول دونها الحزبان المذكوران بما لديهما من وزن نيابي، حيث لا يجوز لغير رئيس الجمهورية أن يحل المجلس طبقا لما ينص عليه الدستور، والدستور ضيّق ذلك وحددها بآجال تشكيل الحكومة بعد الانتخابات. وحتى لو وقعت انتخابات سابقة لأوانها فما هي حظوظ الجبهة للفوز بها والانتقال من وضعية حزب له 12 بالمائة من عدد المقاعد حاز عليها بواسطة القانون الانتخابي، إلى حزب أغلبي يصوت له عشرات أضعاف من صوتوا لها في آخر انتخابات؟ لا شيء.

3-عن طريق الانقلاب، وما هي الجهة التي بإمكانها أن تقوم بانقلاب في تونس على غرار المثال المصري أو على غرار ما قام به بن علي في 1987؟ ولو قام هذا أو ذاك بانقلاب فلماذا يقوم به لفائدة الجبهة الشعبية تحديدا؟

ومع ذلك فالفرضية الأخيرة هي الأقرب حيث لا أحد يملك المعطيات حول أدوات التنفيذ والتمويل، إلا أن الوصول إلى الحكم عن طريق الانقلاب لا يجعل له من غاية إلا الكرسي والحفاظ عليه في مواجهة الشعب، وفي مواجهة الحرية والديمقراطية.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات