مساء الخير هنية!

Photo

الطيب ولدي إنت الكبير،ونحبّك تهنّيني بعد منام عيني!ما نحبش أنا نمشي والدنيا تدخل بعضها!

- ياااه يمّة ممكن نموت قبلك، علاش هكّة تفكر فينا في الموت، أحاول أن أعيد إليها ابتسامتها الساحرة،تصمت رحمها الله قبل أن تتمتم ساهمة:-وليدي على ما يأتي!!

وحين حصل ماحصل : أدركت أي حمل ثقيل وأي دراما اغريقية وأي مأساة حقيقية أن أكون الأخ الأكبر!
كان عليّ ،وأنا أنزف ألما، والسكين مغروس في أقصى الروح، أن أخوض في أدق التفاصيل والجزئيات المقرفة مثل تدبر الكراسي والطاولات وتهيئة الفضاءات المخصصة لاستقبال المعزين ومشاكل الدفن واستخراج عشرات الوثائق لتسلم الجثمان!

وكان عليّ أيضا أن أواسي أختيّ وأذكرهما أن الموت حق، وأن هنية مثل كل البشر قابلة للموت!

كان علي ولمجرد صدفة أنني الأخ الكبير ، أن أمشي على جراحي وأن أأجل انهياري !

وأن أدعي أمام الآخرين أنني أقف على قدمي!وأنني مازلت حيا!

يا إلاهي، أريد أن أبكي في ركن ما دون أن يراني أحد.

ولكن هنية كانت تكره الفوضى وتحرص على أدق التفاصيل وأنت يا الطيب الأخ الكبير
ويجب أن تكون رجلا ومسؤولا ولا تفضحها بعد رحيلها!

ولا أحد اقتنع يومها أنني لم أكن لا أخا كبيرا ولا رجلا: كنت مجرد طفل صغير تائه في الصحراء بعد أن فقد الوجهة والدليل.

كنت يومها مهزوما ووحيدا ، كنت ظل نفسي!

وكانوا يلحون على الرجل المهزوم أن يكون أخا أكبر !يا لغباوتهم !

حتى أنهم طلبوا مني أن أحملها بنفسي وأضعها في القبر!

-أمّك يا طيب ما يلزمش يتكشف عليها الغرباء،لا بد أن تحملها بين ذراعيك وتضعها بنفسك في قبرها، أنت الأخ الكبير.

بكيت بصوت مرتفع مثل ثكلى:- اعفوني من هذه لا أستطيع أن أحمل جسدها البارد ،لا أستطيع أن أضعها في هذا الظلام !

ولكنهم أصرّوا.

وكان عناقنا الأخير يا هنية !

كان علي يا أمي أن أنزل إلى حفرة القبر وأن أحمل جسدك المسجى بين أحضاني وأن أنزلك منزل الأبدية ،رفض الوالد مساعدتي وكذا إخوتي فكان علي أن أؤدي الدور الحزين أنا ابنك البكر الذي يجب الا يسمح للغرباء بانتهاك حرمة جسدك ،حملتك بين أحضاني فالتحم جسدانا تماماً وأحسست بحضنك الدافيء فتلكأت في وضعك داخل القبر،لم أكن اريد لهذا العناق ان ينتهي،كنت وحيدا معك في الظلام بعد أن وضع المشيعون فوقنا ستارا لحجبنا ،بحثت عن جبينك البارد ووضعت شفتي عليه كما كنت افعل دائماً ،وكان عناقنا الأخير.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات