الاستئصال لتحقيق الآمال

الخميس الفارط تناقشت مع استاذة حول وضع البلاد. بادرتني بالحل النهائي " لابد من استئصال النهضة"، قالتها وهي "تتسومم" وواثقة من حلها.

في البداية اصابني الفزع واحسست بالادريالين يصعد لراسي، ولكني تماسكت وقلت لها ببرود: ولكنهم سوف يدافعون عن انفسهم فتصبح حربا اهليه،وهم اكثر عددا من الذين يريدون استئصالهم،والدليل حصولهم على الأغلبية في مناسبتين؟

فردت " نستعمل الامن والجيش..".هنا مربط الحمير والبغال وكل انواع الحافر: لماذا لا يتصور هؤلاء الدولة الا معهم،وانها لا يمكن ان تقف محايدة او تنحاز ضدهم؟ لأنها ببساطة لهم منذ نشأتها ويوظفونها في خدمتهم وهم من يشغل مراكزها الحيوية ومفاصلها: طيلة 70 سنة وهم رؤساء ووزراء وسفراء ومنهم قادة الجيش، والامن الكبار ،واصحاب المال ،والاعلام.

عركتهم مع النهضة كانت ستكون نفسها مع البوكت او القوميين لو نافسوهم على استعمال الدولة. العركة في ظاهرها ايديولوجي وفي باطنها صراع حول " المُلك" بالمعنى الخلدوني: لم تبلغ الدولة لدينا مرتبة الجهاز القانوني المحايد الذي يمارس العنف الشرعي (الذي يحدده القانون) ولكنها في نفس الوقت تجاوزت دولة العائلة (الدولة الحسينية).

نحن امام شكل هجين للدولة: بقايا الحسينيين مع وافد جهوي منذ العهد البورقيبي مع حزام من الصبايحيه الذين شكلوا عصا الباي ثم عصا بورقيبة وبن علي. هؤلاء وجدوا انفسهم مهددين بتقسيم جديد للسلطة والمواقع يقوم على نتائج الانتخابات،وهم يرفضون هذا المسار لسببين: الاول لانهم يستبطنون ان الدولة لهم وثانيا لعدم ثقتهم من نتائج الانتخابات- وهو ما يجعلهم اكثر توترا. حلهم الوحيد هو استئصال المنافسين بواسطة " دولتهم".

الطريف انك لو سالتهم " لماذا تستأصل النهضة؟" يقولون لك " لأنها استئصاليه" ولا ينتبه لكونه استئصاليا ايضا.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات